قطرة ماء

بقلم: شرف الحميدي
../imagesDB/771_large.jpeg

الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا، وجعل الماء سرا من أسرار الحياة على الأرض. يقول الله عزوجل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يومنون) سورة الأنبياء، الآية: 30 ويقول عزمن قائل: ( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) الحج الآية: 5

الماء نعمة

ذكر الماء في القرآن الحكيم ثلاث وستين مرة موضحا ضرورته لجميع الكائنات الحية، فلا غنى للإنسان أو الحيوان أو النبات عنه، كما أنه يشكل حوالي 80% من سطح الكرة الأرضية، ويدخل في تركيبة جميع الأطعمة، ويحتوي جسم الطفل المولود حديثا على حوالي 75% من وزنه ماء ويستمر تناقص نسبة الماء خلال مراحل النمو حتى تصل في الشيخوخة الى 50%من وزن الجسم، كما أن كل خلية من خلايا الجسم تعتمد على الماء لتفعيل نشاطها ، فهو بذلك عنصر مهم في صحة البيئة والإنسان.

ولا حصر للفوائد والمنافع التي يتداخل فيها الماء فهو نعمة كبرى ومنة عظمى أنعم بها الله عزوجل على بني البشر.

ندرة أم سوء استعمال؟

يحذر خبراء المياه اليوم من ندرة المياه وشحها خاصة في وطننا العربي المصنف عالميا تحت خط الفقر المائي حسب تقرير الصندوق الدولي للتنمية والزراعة، يقول الله عزوجل :(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) سورة الروم، الآية 41.

رغم إدراك الإنسان أهمية الماء وضرورته، غلبته أنانيته وطمعه فقام بتلويث المياه وتبذيرها ركضا وراء السباق الصناعي وإنتاج الطاقة فكانت النتيجة احتباس حراري وتغيير مناخي، وكان ثمنه شمال مترف مبذر يصل معدل استهلاك فرده من المياه حوالي 8900 متر مكعب، بالمقابل نجد جنوب مفقر يبلغ معدل استهلاك الفرد فيه من المياه العذبة الى حد أدنى (حوالي 1100 متر مكعب أو أقل) في حين أن أهم أنهار الماء العذب كالنيل ودجلة والفرات متوافرة في عالمنا الاسلامي! فهل هي ندرة أم سوء استعمال وتدبير توجب لإسرائيل أن تستولي على جزء هام من منابعنا بموجب اتفاقيات ومعاهدات، وتوجب لمترفينا أن يبذروا كما شاؤوا. من هنا تطرح بقوة على الإنسانية ضرورة توزيع عادل لثروة المياه.

فهل سيكون الماء سببا لصراعات مستقبلية أم سيكون رافدا من روافد السلام والتقارب ؟

تعال معي عزيزي القارئ نتأمل التوجيه النبوي حتى نجدد الفهم ونصحح النية.

الماء طريق إلى الجنة

شطر إيمانك سقاء ماء هو طهورك تتطهر به قربة لمولاك وتأدية للفرائض إذا لم تكن من المعتدين ولم تسرف، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:( رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يتوضأ فقال: لاتسرف، لاتسرف) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ، فقال:( ماهذا السرف ياسعد؟ فقال أفي الوضوء سرف؟ فقال: نعم وإن كنت على نهر جار.) عن الكافي الشافي لابن حجر العسقلاني.

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن منع الماء حتى لايؤدي هذا المنع إلى الإضرار بأي كائن حي كما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم صدقة الماء من موجبات الجنة، فعن كدير الضبي قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال: قل العدل وقدم الفضل) قال: أرآيت إن لم أفعل؟ قال:( هل لك إبل؟ قال نعم قال:( انظر بعيرا من إبلك وسقاء يسقى عليه ماء، وانظر أهل بيت لا يجدون الماء إلا غبا، فلعله أن لا ينفق بعيرك، ولاينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة)

ولئلا تنسينا النعمة عن المنعم فلله الحمد والمنة الذي جعل الماء عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا.

تاريخ النشر : السبت 5 يونيو/حزيران 2010