أجرى موقع الجماعة نت حوارا مع الأستاذة جميلة اشتاتو، مسؤولة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان بطنجة وعضو المكتب القطري للقطاع، على خلفية ندوة “الحوار النسائي رافعة للنهوض بوضعية المرأة” التي نظمها القطاع بعاصمة البوغاز قبل أيام، والتي جمعت ثلة من الوجوه النسائية الوطنية والمعبرة عن انتماءات وتوجهات ثقافية وسياسية متنوعة.سياق الندوة وأهدافها، دلالة تنوع المشاركات، الحوار آلية للنهوض وفضاء للتنسيق، مقاربة القطاع النسائي لقضية المرأة، الجماعة والحوار… قضايا وغيرها تجدونها في صلب الحوار. فإلى نصه:
تحت عنوان "الحوار النسائي رافعة للنهوض بوضعية المرأة"، نظمتن في القطاع النسائي بطنجة ندوة حوارية نسائية ضمت طيفا متنوعا من المشاركات. ما غايتكن من هذه الندوة؟ ولم هذا الموضوع تحديدا؟
بداية نشكر موقع الجماعة.نت على إتاحتنا هذه الفرصة، ونتمنى لكم كل التوفيق في مساركم الإعلامي المتميز.
أما فيما يخص سؤالكم فإنه من المهم جدا التذكير بأننا حركة مجتمعية تمتلك مشروعا تغييريا يعتبر قضية المرأة محورية في عملية التغيير الشامل الذي ننشده، كما أننا نؤمن بأن العمل المشترك مع كل الغيورين على مستقبل هذا الوطن كفيل بأن يخرج الأمة من هذا الواقع الذي تتخبط فيه. ولهذا فنحن في القطاع النسائي نمد اليد ونمهد الجسور لحوار ولقاء وتراض يجمع كل فضلاء هذا البلد، وتم اختيار هذا الموضوع لراهنيته الملحة بالنظر للأوضاع المزرية التي تعيشها البلاد بغية تقريب الرؤى وتصحيح المسار وتوجيهه نحو إعداد لمستقبل يشارك الجميع في بنائه. وقد سبقت هذه الندوة محطات وندوات ولقاءات…
بم يتميز السياق السياسي والثقافي والاجتماعي الذي يؤطر قضية المرأة في المغرب، والذي جاءت الندوة في ضوئه؟
هناك سياق محلي يطغى فيه جانب من الانحباس السياسي الذي يغرق فيه البلد جراء السياسات غير الرشيدة التي تنهجها الدولة، والتي تفرز اختلالات بنيوية في قضايا الشغل والصحة والتعليم والحرية والكرامة… تكون المرأة المغربية في عمق التضرر منها.
ما أهم ما خرجت به الندوة؟
هذه الندوة هي محطة تاريخية يلتئم فيها ثلة من الفاعلات باختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسية لمقاربة موضوع المرأة، ومناقشته من مختلف الزوايا تشخيصا واستشرافا لمستقبل تنعم فيه المرأة بل المجتمع بقيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، كما ثمنت المشاركات والحاضرات هذه المبادرة وعبرن عن رغبتهن الصادقة في الاستمرار في النقاش في قضايا متعددة والتقدم خطوات عملية للنزول إلى الميدان. وكذا العمل على مأسسة الحوار عبر آليات تجمع مختلف الفعاليات في هذا البلد.
كيف يمكن أن يكون “الحوار رافعة للنهوض” سواء بوضعية المرأة أو حال البلد؟
يشهد المغرب إخفاقات بنيوية كبيرة في مختلف المجالات نتيجة السياسات التي تنهجها الدولة، مما يستدعي تضافر جهود المخلصين والمخلصات من أبناء هذا الوطن والعمل على توحيد جهوده من أجل اقتلاع الفساد والاستبداد الذي يقتل الكرامة الإنسانية في المرأة والرجل. من هذا المنطلق يصير مطلب الحوار مطلبا ملحا من أجل رص الصفوف لننتقل من التدبير الانفرادي إلى تدبير تشاركي يساهم فيه الجميع.
لوحظ تنوع الخلفيات الثقافية والسياسية للمشاركات، ما دلالة ذلك؟
نحن واعون أن الاستبداد استفاد كثيرا من سياسة فرق تسد، وكلما ازدادت الفرقة والاختلاف بين الفاعلين والحركات والأحزاب تقوى الفساد وتغول، مما يفرض على كل المكونات التي تتوق إلى ترسيخ قيم الحرية والكرامة والعدالة أشخاصا ومؤسسات فتح نوافذ الحوار والنقاش البناء لإعداد مستقبل يشارك فيه الجميع، ولهذا انفتحت هذه الندوة على أصوات نسائية نكن لها كل الاحترام والتقدير من أجل خلق حراك نسائي فاعل مبني على التقارب وليس التغالب.
هل تستطيع هذه المبادرات على إيجابيتها أن تتجاوز الاختلافات العميقة بين المكونات في قضية المرأة وتؤسس لمساحات مشتركة يمكن أن تشكل دعامة معالجة جماعية لإشكالية النهوض بواقع النساء؟
المطلب الجماعي للمرأة مطلب غاية في الأهمية، لا يمكن أن يكون لنا رأي مخالف فيه، لكن تدركون أن دون ذلك تاريخ من التنافر والتوجس لا تخطئه عين المراقبين، الأمر الذي يستدعي إيلاء الأولوية لمسألة تعقيم الأجواء النفسية، وهو ما نعتقد أنه يتحصل باللقاءات المباشرة والتواصل دون وسائط. هذا الجانب نجزم أنه تحقق الشيء الكثير وإن لم يكن من محصلة للندوة إلا هذا فأنعم به وأكرم.
تتعدد المداخل المقترحة للتعاطي مع وضعية المرأة ما بين مدخل قانوني وآخر ثقافي وثالث سياسي… ما المقاربة التي تقترحنها في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان؟
نحن في جماعة العدل والإحسان نعتبر أن قضية المرأة مرتبطة بقضية المجتمع ارتباط الجزء بالكل. من هذا المنطلق نهتم بقضية المرأة ونناضل من أجل إزالة الحيف والظلم عنها فواقعها ما هو إلا انعكاس لأنساق سياسية وثقافية واجتماعية تكبل المرأة وتحول دون الرقي بها. لذلك نحرص ألا تغفل مقاربتنا للموضوع جانبا من الجوانب التي ذكرتم لتكون مقاربة شمولية لقضية نراها شاملة أيضا.
ندوتكن هذه جاءت بعد أسابيع على ندوة أخرى نظمها القطاع النسائي بمدينة الدار البيضاء حملت عنوان “واقع المرأة المغربية ومداخل التغيير”، هل هذا رهان مبدئي من القطاع على حوار نسائي نسائي أم إنها حالة عابرة سرعان ما تتجاوزها التباينات والاختلافات؟
هذا السؤال يتضمن بين ثناياه شقين يناقض أحدهما الآخر وذلك حينما تتحدثون عن عقد لقاءات حوارية في أكثر من موقع وفي مدد زمنية مختلفة، ثم تتحدثون عن حالة عابرة. في حين أن هذا التتابع ينم عن نجاح في عبور الحواجز النفسية بين الفرقاء في هذا الجانب. كما أن التكامل النظري الذي تمثله هذه اللقاءات الحوارية مع أوراش عمل ميداني مشترك يجمعنا في ساحة النضال في ملفات وقضايا مجتمعية كثيرة يدفعنا إلى مزيد من الثقة في إثمار هذه العلاقات البينية في المستقبل.
الندوات الحوارية للقطاع النسائي سبقتها ندوات عديدة حول موضوع الحوار نظمتها الجماعة مركزيا ومحليا بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل الإمام المؤسس. ماذا تحقق من سلسلة الحوارات هذه؟ وهل من نتائج ملموسة لذلك؟
هذا السؤال سبق لأجزاء منه أن تم التداول فيها ضمن الأسئلة السابقة، ولكن لأهمية الموضوع لا نمل من أن نؤكد أن من مكتسبات هذه اللقاءات الحوارية تخطي منطق وسائط التعارف التي عادة ما كانت توظف لإذكاء الخلاف بدل إقلاله عملا لحساب الجهات المنتفعة من وضع التنافر القائم.
ما آفاق التنسيق المشترك حول قضايا المرأة المغربية خاصة وقضايا المغاربة بشكل عام؟
تسعى هذه المبادرة إلى التأسيس لجبهة نسائية منفتحة على كل المبادرات دون إقصاء، تتكتل فيها جهود الفاضلات والفضلاء من أجل فرض إرادة التغيير الشامل بعيدا عن المزايدات التي يعرفها النقاش حول قضية المرأة.
ونذكر في هذا السياق أن جماعة العدل والإحسان كانت دائما ولا تزال تدعو إلى ميثاق جامع يشارك فيه كل الفضلاء والغيورين على هذا الوطن من أجل محاربة الفساد والاستبداد بكل أنواعه.
تاريخ النشر : الأحد 23 أبريل/نيسان 2017